كيف أصبحت مبادرة محلية لمكافحة الحرائق نموذجًا يُتبَنى في جميع أنحاء لبنان؟
جنى راشد – لبنان
لم يقتصر أثر الحرائق على تدمير المحاصيل فقط، بل ألحقت أضراراً كبيرة بخزانات المياه وخراطيم الري. ولم نتمكن إلى حد الآن من إصلاح الأضرار واستئناف الزراعة لهذا العام”، هكذا لخص محمود سعادة، أحد سكان منطقة عكار العتيقة (شمال لبنان) المتأثرة بالحرائق السنة الماضية، تأثير الكارثة على الأراضي الزراعية
بحسب تقرير البنك الدولي لهذا العام, يعد لبنان ثاني أقل بلد جهوزية للتصدي لتغير المناخ, وقد ازدادت حرائق الغابات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وأثرت بشكل مباشر على التنوع البيولوجي وعرضت لبنان لخطر التصحر.في الفترة ما بين 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2020 و4 أيلول (سبتمبر) 2023، شهدت عكار ما مجموعه 148 تنبيها تنبيهات الحريق
Figur3: تنبيهات الحرائق في عكار
يتوقع موقع بوابة المعرفة التابعة للأمم المتحدة أن يكون هناك آثار متنوعة للتغيرات المناخية على بيئة لبنان واقتصاده وبنيته الاجتماعية وعلى الصحة العامة والبنية التحتية فالازمة الاقتصادية الذي يمر بها لبنان منذ 2019 اثرت على قدرته على التكيف في كافة القطاعات. وأشار أيضا إلى تهديد المناخ للتنوع البيولوجي على لبنان بسبب زيادة حرائق الغابات التي نتجت مؤخرا بفعل ارتفاع درجات الحرارة والتصحر.
ان ارتفاع درجات الحرارة يجفف النباتات ويهيئ ظروفًا مواتية لاندلاع شرارة حرائق الغابات وانتشارها. وبما أن يوم الرابع من يوليو/تموز كان أكثر الأيام حرارة في المتوسط على كوكب الأرض منذ بدء التسجيل، فمن الواضح أنه يجب اعتبار تغير المناخ العالمي مصدر قلق يخص المستقبل.
تؤكد السيدة نهاد عواد منسقة الحملات والتواصل العالمي في مشروع “أمة لأجل الأرض” التابع لمنظمة “غرينبيس على خطورة حرائق الغابات في لبنان حيث تحدثت عن نشوب العديد من الحرائق منها ما هو مفتعل.ان موجات الحر التي ازدادت وتيرتها وارتفاع درجات الحرارة في تشرين الأول/أكتوبر ساهم في جفاف التربة وخلق الظروف الملائمة لنشوب حرائق غير مسبوقة وانتشارها بهذه السرعة. تحث السيدة عواد الدولة اللبنانية على إعلان حالة طوارئ مناخية ووضع خطط والتجهيز للتصدي لحوادث المناخ المرتقبة
حرائق الغابات
في خضم التغيرات المناخية التي يشهدها لبنان برزت حرائق غابات عنيفة في مختلف المناطق اللبنانية ومنها غابات عكار شمال لبنان. تعد منطقة عكار واحدة من أكثر المناطق تهميشا في لبنان إذ تعاني من تحديات جمة تثقل كاهل السكان للتصدي للتغيرات المناخية كالفقر مثلا إذ بلغ معدل الفقر في عكار 63%.
حسب موقع مراقبة الغابات العالمية ، فقدت عكار 853 هكتارًا من الغطاء الشجري, من عام 2001 إلى عام 2022 بسبب الحرائق و512 هكتارًا. وكان العام الذي شهد أكبر خسارة الغطاء الشجري بسبب الحرائق خلال هذه الفترة هو عام 2021، حيث فقدت 370 هكتارًا بسبب الحرائق – اي 87٪ من إجمالي فقدان الغطاء الشجري لذلك العام. منذ عام 2001 إلى عام 2022، سجلت عكار أعلى معدل فقدان الغطاء الشجري بسبب الحرائق بمتوسط 39 هكتارًا سنويًا
Figure 4: صورة من أحد الغابات تظهر تأثر الأشجار من الحرائق
بالنسبة للدكتور داني عبيد، المحاضر في كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، فإن تأثير حرائق الغابات على الزراعة يمكن أن يكون كبيرًا ومتعدد الجوانب. فتسبب فقدان المحاصيل في تدمير المزارع والمحاصيل القريبة، مما يؤدي إلى فقدان الإنتاج الزراعي وتأثيرات اقتصادية سلبية على المزارعين والمجتمعات المعتمدة على الزراعة. ويمكن أن يلوث دخان الحرائق الهواء والتربة المحيطة، مما يؤثر على جودة التربة والموارد المائية المستخدمة في الزراعة. وتسهم حرائق الغابات في إطلاق الكثير من غازات الاحتباس الحراري إلى الجو، مما يساهم في تغير المناخ، مع تأثيره على نمو المحاصيل وجودتها. ويمكن أن تؤدي حرائق الغابات أيضًا إلى تغيرات في خصوبة التربة وهيكليتها، وتأثير على الحياة البرية والتنوع البيولوجي في المنطقة
تؤكد ساندرا سليمان، خبيرة في التنوع البيولوجي ومتخصصة في علوم الفطر البري، أن التغيرات المناخية تؤثر سلبًا على نمو الفطر والنباتات، مع تباين وجودهم بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كمواطنة في بلدة عكار وعضو في مجلس البيئة في المنطقة، تشير إلى أن الحرائق العنيفة تؤثر على المنظومة البيئية، خاصة أن عكار تحتضن أكبر تنوع بيولوجي في لبنان. تحث على تسليط الضوء على هذه الحرائق والمبادرات لمكافحتها، مشيرة إلى أن لبنان شهد أعنف الحرائق في عام 2021 مما أدى إلى اختراق التربة وتدمير النباتات وانقلاب المنظومة البيئية..ففي عام 2021 وحده كان معدل فقدان الغابات في عكار أعل
%.
حسب موقع مراقبة الغابات العالمية ، فقدت عكار 853 هكتارًا من الغطاء الشجري, من عام 2001 إلى عام 2022 بسبب الحرائق و512 هكتارًا. وكان العام الذي شهد أكبر خسارة الغطاء الشجري بسبب الحرائق خلال هذه الفترة هو عام 2021، حيث فقدت 370 هكتارًا بسبب الحرائق – اي 87٪ من إجمالي فقدان الغطاء الشجري لذلك العام. منذ عام 2001 إلى عام 2022، سجلت عكار أعلى معدل فقدان الغطاء الشجري بسبب الحرائق بمتوسط 39 هكتارًا سنويًا
Figure 4: صورة من أحد الغابات تظهر تأثر الأشجار من الحرائق
بالنسبة للدكتور داني عبيد، المحاضر في كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، فإن تأثير حرائق الغابات على الزراعة يمكن أن يكون كبيرا ومتعدد الجوانب. حيث تتسبب في فقدان المحاصيل وتدمير المزارع، مما يؤثر على الإنتاج. ويمكن أن يلوث دخان الحرائق الهواء والتربة، مما ينعكس على جودتها وخصوبتها، كما تساهم حرائق الغابات في إطالق الكثير من غازات الاحتباس الحراري في الجو، ولها أيضا تأثير على الحياة البرية والتنوع البيولوجي في المنطقة. في هذا الصدد، تؤكد ساندرا سليمان، خبيرة في التنوع البيولوجي ومتخصصة في علوم الفطر البري، أن التغيرات المناخية تؤثر سلبًا على نمو الفطر والنباتات، مع تباين وجودها بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وتذ ّكر بأن الحرائق العنيفة تؤثر على المنظومة البيئية، خاصة وأن عكار تحتضن أكبر تنوع بيولوجي في لبنان
. لقد أثرت الحرائق على عدة أصناف من الحيوانات والنباتات، منها كانت زهرة البلاتين تيرا وهي نوع من الأوركيد اكتشفت مؤخرا في عكار في عام .2018 أما بالنسبة للحيوانات، فإن أغلب الحيوانات البطيئة السرعة تتعرض ً للموت حرقا بأبشع الطرق.
إن معظم الحرائق التي حدثت في منطقة عكار طالت مواقع ذات أهمية طبيعية و إيكولوجية يضم بعضها أنواع مكتشفة حديثة وجديدة نادرة ومهددة من النباتات، كنبتة السوسن التي هي من فصيلة السوسنيات ووجد منها في لبنان 8 انواع و جميعها مهدد بالانقراض ومنها سوسن البازالت وسوسن صوفر.
مبادرة “درب عكار” كمحاولة مواطنية للتصدي للحرائق
مبادرة “درب عكار” كمحاولة مواطنية للتصدي للحرائق وفي خضم كل ھذه التحدیات البیئیة والمناخية، تظھر مبادرة “درب عكار” كقصة نجاح ُتعید الأمل في إمكانية حصول تغيير نحو الأفضل. تنطلق المبادرة من أعماق جبال عكار في شمال لبنان، حيث ُتقاوم مجموعة من شباب المنطقة الحرائق وآثار التغيرات المناخیة بعزيمة لا تلين وإصرار يتحدى الصعاب.
بدأت ھذه المبادرة في عام 2012 بمبادرة محلیة تھدف إلى حماية التنوع البيولوجي في منطقة عكار، إلا أنھا سرعان ما تطورت إلى قوة رائدة في مكافحة حرائق الغابات وتعزيز الاستدامة البیئیة في لبنان. ففي عام 2020 تأ ّسس فریق درب عكار لمكافح الحرائق.
بدأت المبادرة كمجموعة تعنى بالسیاحة البیئیة وتنظیم رحلات سیر بالطبیعة. ومع الوقت تطورت للبحث عن مختلف أنواع النباتات والحيوانات لاكتشاف ثراء المنطقة بالتنوع البيولوجي. ومع ازدياد وتيرة الحرائق في عكار وتأثیرھا على التنوع البيولوجي، قرر خالد طالب، المھندس الزراعي في منطقة مشمش إنشاء فریق للبدء بعمليات مكافحة الحرائق. كانت انطلاقة الفريق الأولى في مكافحة حريق في أعالي جرد مشمش )تقع بلدة مشمش في جبال عكار في الطرف الجنوبي الشرقي لأقصى قضاء عكار( والذي التھم شجرة اللزاب وھي عزيزة على أھالي المنطقة تعد شجرة اللزاب رمزا بالنسبة لسكان المنطقة كونھا من الأشجار المعمرة والتي تتمتع بقوة عالیة، إذ تحتوي المنطقة على أكبر غابة اللزاب في لبنان. وقد تحولت ھذه الشجرة فیما بعد ت إلى شعار الفریق.
اعتمد الفريق في أول مھمة على الإنذار المبكر لأھالي المنطقة والاستجابة السريعة التي تلعب دورا في حصر انتشار الحرائق، حیث یقوم باتباع استراتیجیة المكافحة الأرضية السريعة وتمديد مئات الأمتار من الخراطيم داخل الغابات.
التمویل المبادرة، أخبرنا خالد طالب، مؤسسھا، أنھ يتم الإعتماد على تبرعات أشخاص من داخل وخارج لبنان ورغم أن ھذا التمویل یعتبر بسیط جدا، استطاع الفریق الذي يضم 15 متطوعا تحقیق انجازات، حيث أصبح من نخبة الفرق لمكافحة الحرائق في لبنان. إذ تخطى عملھم منطقة عكار , وأصبح الفريق یستجیب بشكل اولي الى الحرائق في كافة مناطق لبنان.تحول الفريق الى جمعیة بیئیة مسجلة لدى وزارة الداخلیة.
نظرا لجھودھم وإنجازاتھم خلال فترة قصیرة أتيحت لھم الفرصة للذھاب والتدریب في مخيم تدريبي لمكافحة الحرائق في بولندا، حیث سمحت لھم ھذه الفرصة للتشبیك مع مجتمع مكافحة الحرائق الغابات العالمي في اوروبا وامريكا ومشاركة خبراتھم ونقل ھذه الخبرة المكتسبة إلى لبنان وأصبح الفریق نموذجا يحتذى بھ. يخبرنا مؤسس درب عكار عن خطتھ لإطلاق أكادیمیة درب عكار للتدريب على مكافحة الحرائق من خلال تدريب فرق على الاستجابة الأولية الحرائق التي تؤثر على المنطقة،اذ ان التغيرات المناخية تزيد من خطر حرائق الغابات لھذا السبب فإن المنطقة تحتاج للعديد من الشباب للاستجابة الفورية وھذا يتطلب تدريبا حول حصر الحرائق وتفادي الخسائر
الإنجازات على الأرض
استطاع فريق مكافحة الحرائق في درب عكار التصدي والاستجابة لأكثر من 100 حريق تدخل فيها الفريق وتعلم من خلالها واصبح قادرا على نقل خبرته الى المناطق اللبنانية كافة. يتوقع خالد طالب مؤسس درب عكار ان يكون صيف 2024 صعبا جدا نظرا الى التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة التي يشهدها لبنان في السنوات الأخيرة.
قامت أيضا فرقة فريق درب عكار بتطوير مختبر بإمكانيات بسيطة لاستقبال طلاب الماجستير لمساعدتهم في أبحاثهم التي تعنى بالحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث يستقبل المختبر أكثر من 10 تلاميذ، بالإضافة إلى المختبر قامت بإنشاء بنك بذور لأنواع نادرة من النباتات حيث قام الفريق من خلال الزراعة النسيجية بزراعة أول زهرة أوركيد تصنعت بالمختبر.
Figure 5: صورة لمختبر درب عكار
. طور الفريق كذلك آليتان وهما آلية اب المرتفعات العالية في لبنان. وتتميز هاتان اآلليتان بقدرتهما على الاندماج في عمق الغابات والتصدي ألي حريق في المناطق الوعرة. بفضلهما يمكن الوصول إلى خراطيم المياه في أعماق الغابات لمسافة تصل إلى 600 متر وأكثر عند تكاملهما. ولم يكتف الفريق بذلك، بل من المقرر أن يتم قريًبا انضمام آلية ثالثة تحمل تجهيزات مماثلة، تابعة اتحاد بلديات جرد القيطع في عكار، لتكون جاهزة للعمل مع فريق المستجيب الأول في المنطقة لمكافحة الحرائق.فرق المستجيب األول هي فرق الاستجابة الأولية المؤلفة من سكان المناطق المعرضة للحرائق.
Figure6: آليات درب عكار
قام فريق درب عكار بتجهيزهما محلياً ضمن عكار. تتميز هاتان الآليتان بقدرتها على التعامل في الأماكن الوعرة، حيث تحتوي كل واحدة منهما على خزانات مياه من الفايبرجلاس بسعة 900 ليتر، بالإضافة إلى مضخات مياه عالية الضغط وخراطيم تصل لمسافة 500 متر مقاس 10 ملم، و150 متر بمقاس 1.5 إنش. وتستطيع الآليتين العمل بشكل منفصل أو متكامل لزيادة الفعالية. كما تتضمن كل آلية تجهيزات مختلفة ومعدات يدوية للتعامل مع الأحراج والغابات الكثيفة، مستفيدين من أعلى المعدات المتوفرة في السوق المحلية من حيث الجودة وكفاءة الأداء
يقوم متطوعو فريق مكافحة الحرائق في درب عكار بوضع مسودة خطة لمكافحة الحرائق ومن ثم تأسيس مجموعة للرصد الآلي والإنذار المبكر عبر تطبيق واتساب ومن ثم يعمم الفريق النشرات الإرشادية لخطر الحرائق الصادر عن مجلس الوطني للبحوث العلمية والنشرات الصادرة عن مختبر الحرائق التابع لجامعة البلمند في الكورة شمال لبنان. بعد رصد الحرائق وتقييم خطرها، يتحرك الفريق مع الدفاع المدني إلى موقع الحريق ويعمل على معالجتها ثم يتم التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية والبلديات ووزارة البيئة للمساعدة في عملية الإخماد ومن ثم يقوم فريق درب عكار بمكافحة الحرائق ووضع تقرير بالأضرار لتتمكن من مكافحة الحرائق في المستقبل
يقول المواطن علي خضر حسن، البالغ من العمر 33 عاما أن منطقته غزراتا شهدت أكبر حريق في عكار في عام 2023 ،2023 حيث تضررت معظم المساحات الخضراء التي يملكها والتي تحتوي على شجر السنديان والصنوبر. وأشاد بأهمية الاستجابة الأولية والسريعة التي قام بها درب عكار والتي استطاعت أن تحتوي الحريق والخسائر. ويؤكد أنه“ يجب علينا اتخاذ الإجراءات الالزمة ودعم الفرق والشباب مثل فرقة درب عكار ماديا ومعنويا وتقدير جهوده”.
Figure 7: صورة من أحد الغابات تظهر تأثر
مبادرات أخرى تذهب في نفس الاتجاه
هناك فرق أخرى كدرب عكار تنتشر في كافة منطقة عكار. كفريق المستجيب الأول، التابع لإتحاد بلديات القيطع، ويتراوح عددهم 100 شخص. ومن المفاجئ في هذا الفريق وجود العنصر النسائي. فينتشر في أكثر من منطقة وأكثر من قضاء في عكار العتيقة، قبيات، الجوكة، والذنّية. وهناك أيًضا عدة فرق كفريقين بمنطقة الضنّية، تابع للجمعية الطبية، وفريق المستجيب األول التابع لجمعية المرأة والمسؤول عنه الخبير علي موسى
يخبرنا خبير الحرائق علي موسى عن أهمية الدور الذي تلعبه فرق الإستجابة الأولية في المنطقة وأيضاً على أهمية دعم هذه الفرق بكاف الطرق .من خلال تقديم لها الدعم المادي والتسهيلات لإجراء عملها بأكمل واجهة. وقد أكد أيضاً على أهمية تعاون الدولة مع هذه الفرق وصلت الضوء على إجراء دراسات قبل المساعدة. فمن المهم أخذ بعين الاعتبار حاجات المنطقة ونوع التربة وإجراء الدراسات والبحوث لهذه المنطقة الذي حدث فيها الحريق قبل التدخل من خلال التعاون مع الخبراء في المنطقة وإجراء البحوث اللازمة لحل مشكلة حرائق الغابات والتصدي لها بشكل فعال.
دور الدولة
يؤكد تقرير نشر على موقع وزارة البيئة أن الغابات في لبنان تتأثر سلبًا بتغير المناخ، لاسيما أن الغابات تعاني من التفتت وتفشي الآفات وحرائق الغابات والممارسات غير المناسبة التي تتحدى قدرة القطاع على البقاء والتطور.إن زيادة درجة الحرارة عاملاً مهمًا يؤثر على نمو الغابات وبقائها.فقد زاد متوسط درجة الحرارة عن قبل درجتين مئويتين خلال 30 عامًا
تؤكد السيدة ليا كاي، مديرة مشاريع تغير المناخ في وزارة البيئة اللبنانية أن حرائق الغابات تشكل تهديداً خطيراً للغطاء النباتي وتؤثر على تدهور الغابات اللبنانية. وتكون المناطق الأكثر عرضة للحرائق في لبنان بالقرب من المجمعات الحضرية وعلى ارتفاع أقل من 1200 متر وتشمل غابات الصنوبر التي تسمى ب (Pinea.P) و .(P.Brutia)
وتؤدي زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى زيادة توازن C/N ( الكربون والنايتروجين) في الأنسجة النباتية، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض جودة الغذاء للعديد من الحشرات التي تتساقط الأوراق والتي تستجيب في بعض الأحيان عن طريق زيادة مستوى استهلاك الأوراق، وإتلاف الأشجار والتسبب في هجوم الآفات.
قامت وزارة البيئة بوضع خطة طوارئ لإدارة خطر الحرائق وبدأت بتنفيذها فعلا على الأرض حيث أنشات فرق استجابة أولية بعد تحديدها لأكثر من 15 نقطة تعتبر من أكثر النقاط المعرضة للحرائق ولكن تبقى القدرة المحلية على الاستجابة ضعيفة ومحدودة جدا نظرا للازمة الاقتصادية التي يمر فيها لبنان, فتتطلب وضع برامج متكاملة تضمن الوقاية إلى جانب التصدي للحرائق. يشيد مؤسس درب عكار بالتعاون بين المبادرة والجمعية ووزارة البيئة وخاصة الوزير الدكتور ناصر ياسين حيث يتابع عمل درب عكار ويقوم بربطهم بالجهات المانحة, و يساعدهم بالامكانيات المتوفرة عند الوزاره. الدعم ليس كافيا نظر للأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان ولكن يوجد تعاون ملموس ومتوقع استمراره.
تهدف تدابير التكيف لحرائق الغابات وتغير المناخ التي وضعتها الدولة اللبنانية في خطتها الوطنية للتكيف لسنة 2023 إلى دعم المرونة الطبيعية وتوقع التحديات المستقبلية. وتشمل هذه التدابير تعزيز الإطار القانوني والمؤسسي، ودمج تخطيط المناظر الطبيعية في خطط التنمية، وتعزيز الوعي والتعليم، ووضع خطط لإدارة الغابات لتعزيز النظم البيئية الأكثر
العقبات والتحديات في عمل درب عكّار
يواجه درب عكّار العديد من الصعوبات والتحديات نظرا إلى طبيعة المنطقة الجغرافية والطبوغرافية، حيث تتميز بالتضاريس والمنحدرات الشديدة التي تسرع انتقال النيران، وأيضا تجعل الوصول إلى أماكن الحرائق صعب للغاية. زيادة على ذلك, أن الطقس في منطقة عكّار نظرا للتغيرات المناخية في الآونة الأخيرة يشهد رطوبة منخفضة وحرارة مرتفعة، مما يؤدي إلى انتشار الحرائق بسرعة كبيرة.
كذلك تعاني منطقة عكار من تحديات كبيرة بالنسبة للمياه إذ تعاني من شح المياه ومن غياب أي خطة محلية للاستجابة إلى أخطار الحرائق في البلديات والسلطات المحلية ونقص في البنية التحتية لمكافحة الحرائق وأيضا عجز القوانين الحالية وعدم تطويرها وتبنيها سياسة حماية صارمة حيث تساهم إلى حد بعيد في زيادة الأخطار . تتضمن بعض القوانين الحالية توصيات بشأن إدارة الغابات ولكن لا يوجد نص يجبر مالك الأراضي على إدارة هذه الغابات والتخلص من النباتات الميتة و القابلة للاشتعال. فمثلا المادة 65 لا يجوز لأي كان من الافراد أن يقتلع غابته أو يكسرها إلا بعد أن يقدم تصريحا خطيا بذلك إلى مصلحة الغابات بواسطة مأمورها في القضاء الموجودة في الغابة قبل ثلاثة أشهر على الأقل ويجب عليه أن يذكر في التصريح مقامه المختار في القضاء المذكور. و المادة 12 حيث لا يرخص في قطع الشجر في غابات الدولة على مستوى الأرض إلا إذا اقتضى هذا الأمر ظرف قاهر .ويكون الترخيص في مثل هذه الحال بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء
تعاني المنطقة أيضا من غياب إدارة مستدامة الغابات بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات المحلية ومحدودية الموارد، علما وأن مبادرة درب عكار تضم فقط 15 متطوعا نظرا لقلة الخبرة في موضوع مكافحة الحرائق والاستجابة السريعة. وتنص المادة 108 ” إذا حدث حريق في الغابات فيكون لممثلي مصلحة الغابات و لمأموري الأمن وممثلي السلطة الإدارية الحق في استخدام جميع الأشخاص وحيوانات الحمل والجر ووسائل النقل والمعدات التي تقتضيها الحال”
ومن التحديات التي يعاني منها درب عكار خلال مكافحة الحرائق هي التعرض لأخطار الكائنات الحية أثناء الإنقاذ مثل: قفران النحل إذ تتمتع المنطقة بالعديد من قفران النحل الهائج والذي يسبب خطر التعرض إلى اللسع عند الحرائق
. وإجمالا للتصدي لحرائق الغابات يجب دعم المبادرات مثل درب عكار وغيرها والعمل على توعية المجتمع المحلي حول أهمية أخذ تغير المناخ بعين الاعتبار، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لأزمة المناخ وتداعياتها في لبنان
. تم إنتاج هذا التقرير بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي. ومحتواه هو مسؤولية معدة التقرير ولا يعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي
Leave A Comment